معاناة مرضى السرطان في غزة: أمل يتلاشى وسط انهيار النظام الصحي
في قلب قطاع غزة، حيث تتفاقم الأزمات الإنسانية يومًا بعد يوم، يواجه مرضى السرطان تحديات تهدد حياتهم بشكل مباشر. خروج مستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة، الذي كان بمثابة الشريان الأخير لعلاج الأورام، ترك آلاف المرضى في مواجهة مصير مجهول. هذا المقال يروي قصصًا إنسانية مؤثرة تُبرز حجم المعاناة، ويسلط الضوء على الأزمة الصحية المتفاقمة التي تهدد حياة الآلاف.
هديل شحادة: صراع مع المرض والحرب
هديل شحادة، سيدة في الخامسة والثلاثين من عمرها، تقاوم سرطان الغدة الليمفاوية منذ عام 2017. كانت تعتمد على مستشفى الصداقة الفلسطيني التركي لتلقي العلاج، لكن هذا المستشفى دُمر بالكامل خلال الحرب الأخيرة. انتقلت هديل إلى مستشفى غزة الأوروبي، الذي أصبح الملاذ الوحيد لمرضى السرطان في القطاع. لكن في 13 مايو 2025، تعرض المستشفى لهجوم عنيف أدى إلى توقفه عن العمل، مما ترك هديل في حالة من اليأس والخوف.
"شعرت باختناق شديد، وكأن الموت يقترب مني بخطوات سريعة"، تقول هديل وهي تصف لحظة سماعها الخبر المؤلم.
هديل، التي نزحت مع والديها المسنين من بلدة بيت لاهيا إلى حي النصر شمال غزة، تعيش الآن في ظروف قاسية. تحويلتها الطبية للعلاج بالخارج عالقة بسبب القيود المفروضة على معبر كرم أبو سالم، وهي تعتمد على مسكنات أصبحت شحيحة في ظل نقص الأدوية. تضيف هديل: "الحرب أشد قسوة علينا نحن المرضى، فنحن نواجه الموت بأشكال مختلفة كل يوم".
منى الآغا: أم تتشبث بالحياة من أجل أطفالها
منى الآغا، أم لأربعة أطفال تبلغ من العمر 30 عامًا، اكتشفت إصابتها بسرطان المعدة قبل خمسة أشهر فقط. كانت تأمل أن يوفر مستشفى غزة الأوروبي لها فرصة للعلاج، لكن بعد توقف المستشفى، نُقلت إلى مجمع ناصر الطبي، الذي يفتقر إلى التجهيزات اللازمة لعلاج حالتها. تعيش منى الآن في خيمة مقامة على أنقاض منزلها المدمر في بلدة بني سهيلا شرق خان يونس، حيث تعاني من آلام مبرحة دون توفر العلاج المناسب.
"شعرت بالموت يقترب وأنا أنتظر مسكنًا لتخفيف الألم"، تقول منى بصوت مُثقل بالإرهاق والأسى.
زوجها علي حامد يعبر عن قلقه العميق قائلاً: "في مستشفى غزة الأوروبي، كانت هناك رعاية متخصصة لمرضى السرطان، لكن الآن لا نعرف كيف سنواجه هذا الوضع". منى، التي تحلم بالبقاء على قيد الحياة من أجل أطفالها، تخشى أن تتركهم وحيدين في ظل هذه الظروف القاسية.
تهاني أبو مصطفى: أرملة تخشى على مصير أبنائها
تهاني أبو مصطفى، أرملة تبلغ 38 عامًا وأم لستة أطفال، تعاني من سرطان البطن الذي اكتشفته بعد استشهاد زوجها في بداية الحرب. تجلس الآن في حالة إعياء شديدة في مجمع ناصر الطبي، حيث تكافح من أجل البقاء على قيد الحياة. خروج مستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة زاد من مخاوفها، خاصة أن العلاج الذي تحتاجه غير متوفر في أي مكان آخر بالقطاع.
"أخاف على أطفالي إذا فارقت الحياة، من سيعتني بهم؟"، تقول تهاني بكلمات تنم عن الألم والقلق.
تهاني، التي تحملت آلامها بصعوبة، تخشى أن تترك أبناءها في مواجهة مصير مجهول. قصتها تعكس مأساة العديد من العائلات في غزة التي تجمع بين فقدان الأحبة وتحديات المرض في ظل انهيار النظام الصحي.
أزمة صحية تهدد حياة الآلاف
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تسبب توقف مستشفى غزة الأوروبي عن العمل في انهيار خدمات طبية حيوية، بما في ذلك علاج السرطان، جراحة الأعصاب، والرعاية القلبية، وهي خدمات لا تتوفر في أي مكان آخر في قطاع غزة. يؤكد طارق المحروق، مدير تمريض مركز غزة للسرطان، أن هذا الوضع يشكل "خطرًا حقيقيًا على حياة آلاف المرضى".
قبل خروج المستشفى عن الخدمة، كان 90% من مرضى السرطان في شمال القطاع محرومين من الرعاية الطبية المنتظمة بسبب مخاطر التنقل عبر الطرق الخاضعة لسيطرة الاحتلال. الآن، مع توقف المستشفى الوحيد المتبقي لعلاج الأورام، أصبح مصير 10 آلاف مريض سرطان كانوا يتابعون في مستشفى الصداقة مجهولاً تمامًا.
تفاقمت الأزمة بسبب القيود الإسرائيلية على إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية، إضافة إلى منع السفر للعلاج بالخارج. هناك حوالي 25 ألف مريض وجريح ينتظرون فرصة العلاج خارج القطاع، لكن معابر مثل كرم أبو سالم ورفح مغلقة أو تعمل بشكل محدود للغاية.
دعوة للتضامن والعمل الإنساني
قصص هديل ومنى وتهاني ليست سوى جزء من مأساة إنسانية أكبر تُعاش في غزة. مرضى السرطان يواجهون مصيرًا مجهولًا في ظل انهيار النظام الصحي، وهناك حاجة ماسة لتحرك دولي عاجل. إعادة تشغيل المستشفيات، توفير الأدوية، وفتح المعابر للسماح بالعلاج بالخارج هي خطوات ضرورية لإنقاذ آلاف الأرواح.
يمكن لكل فرد أن يسهم في نشر الوعي بهذه القضية. شارك هذه القصص عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وانضم إلى الجهود الإنسانية لدعم شعب غزة في محنته. كل صوت يُحدث فرقًا، وكل مبادرة قد تكون بصيص أمل لمن فقدوا كل شيء.
انضم إلى الحملات الإنسانية وشارك هذه القصص لدعم مرضى غزة!
تعليقات
إرسال تعليق
أكتب تعليق لتشجيعي لكتابة المزيد والمزيد من المقال عن مواضيع أخرى و شكرا لك .